فصل: الحكم الثَّامِن طُرُوُّ غَرِيم بعد الْقِسْمَة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الحكم الثَّامِن طُرُوُّ غَرِيم بعد الْقِسْمَة:

فِي الْكِتَابِ: إِذَا طَرَأَ غَرِيمٌ بَعْدَ الْقِسْمَةِ لَمْ يُعلَم بِهِ رَجَعَ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِنَصِيبِهِ فِي الْمُحَاصَّةِ يَتْبَعُ كُلُّ وَاحِدٍ فِي مَلَائِهِ وعُدمه وَالْمَوْتُ مِثْلُ الْفَلَسِ فِي ذَلِكَ لِمُسَاوَاتِهِ لَهُمْ فِي أَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ قَالَ التُّونُسِيُّ: وَلَوْ سَكَتَ بَعضهم هُوَ يَرَى الْمَالَ يُقَسَّمُ فَلَا قِيَامَ لَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَدَيْنُهُ فِي الذِّمَّةِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ وَسَكَتَ الْغُرَمَاءُ وَلَوْ سَكَتَ بَعْضُ غُرَمَاءِ الْمَيِّتِ لَهُ الرُّجُوعُ وَالْفَرْقُ خَرَابُ ذِمَّةِ الْمَيِّتِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قِيلَ يُوقَفُ لِلسَّاكِتِ حَقُّهُ كالغائب إِلَّا إِن تبين تَرْكُهُ وَقِيلَ إِذَا كَانَ حَاضِرًا وَلَمْ يَشْهَدِ الْقِسْمَة فَلَو حضر وَشهد فَلَا رُجُوعَ اتِّفَاقًا قَالَ مَالِكٌ: إِذَا لَمْ يَقُمِ الْبَاقُونَ حَتَّى دَايَنَ آخَرِينَ فَلِمَنْ لَمْ يقُم مِنَ الْأَوَّلِينَ تفليسُه وَمُحَاصَّةُ مَنْ دَايَنَهُ بَعْدَ التَّفْلِيسِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُفْلِسُوهُ أَوَّلًا فَأَشْبَهَ مَنْ دَايَنَ قَبْلَ التَّفْلِيسِ وَعَنْ مُطَرِّفٍ لَا يَقُومُ الْأَوَّلُونَ السَّاكِتُونَ لِأَنَّ سُكُوتَهُمْ إِسْقَاطُ حَقِّ الْمُطَالَبَةِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إِذَا قَسَّمَ الْوَرَثَةُ وَالْغَرِيمُ حَاضِرٌ الْقِسْمَةَ لَا يَقُومُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ إِسْقَاطٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عُذْرٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ: يَرْجِعُ الْغَرِيمُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِمَا ينوبُه لَا على ملئ بمُعدِم وَلَا حيٍّ بِمَيِّتٍ وَكَذَلِكَ يَسْتَحِقُّ الْمَبِيعَ هَذَا إِذَا كَانَ الْمَيِّتُ غَيْرَ مَشْهُورٍ بِالدَّيْنِ فَإِنْ كَانَ مَشْهُورًا بِذَلِكَ أَوْ عَلِمَ الْوَرَثَةُ بِالدَّيْنِ ثُمَّ بَاعُوا وَقَضَوْا بَعْضَ الْغُرَمَاءِ فَلِمَنْ بَقِيَ الرُّجُوعُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِمَا يَخُصُّهُ ثُمَّ يَرْجِعُ الْوَرَثَةُ عَلَى الْآخِذِ وَحَيْثُ رَجَعَ الْوَرَثَةُ أُخذ الملئ عَنِ الْمُعْدِمِ مَا لَمْ تَتَجَاوَزْ حِصَّتُهُ مَا قَبَضَ الْوَارِثُ بِخِلَافِ الْغُرَمَاءِ.
فرع:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ: لَوْ تَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَيْنًا وَعَبْدًا وَعَلَيْهِ لِغَرِيمَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَحَضَرَ أحدُهما فَأَخَذَ الْأَلْفَ فَقَدِمَ الْغَائِبُ وَقَدْ هَلَكَ الْعَبْدُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفًا فَلَا رُجُوعَ وَلَا يُنْظَرُ إِلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ مَاتَ أَوْ مَاتَ السَّيِّدُ بَلْ أدوَن قيمةٍ مَضَتْ عَلَيْهِ مِنْ قَبْضِ الْغَرِيمِ إِلَى مَوْتِ الْعَبْدِ لِأَنَّ مِنْ يَوْمِ الْقَبْضِ تَعَيَّنَ الْغَرِيمُ وَضَمَانُهُ فَإِنْ كَانَتْ قيمتُه خَمْسَمِائَةٍ رَجَعَ عَلَى قَابِضِ الْأَلْفِ بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَحُسِبَ الْعَبْدُ عَلَى الْغَائِبِ وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الْقِيمَةِ صُدِّق الطَّارِئُ لِأَنَّهُ مَحْسُوبٌ عَلَيْهِ فَلَوْ بَاعَ الوصيُّ الْعَبْدَ بِأَلْفٍ وَقَضَاهَا لِلْحَاضِرِ ثُمَّ تَلِفَتِ الْأَلْفُ الْعَيْنُ فَلَا رُجُوعَ لِلطَّارِئِ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَالُ كُلُّهُ عَيْنًا فَوَقَفَ نَصِيبُ الْغَائِبِ فَلَوْ رُدَّ العبدُ بِعَيْب بعد تلاف الْأَلِفِ الَّتِي عَزَلَ فَقَدِمَ الْغَائِبُ بِيعَ الْعَبْدُ ثَانِيَةً لِلْحَاضِرِ فَإِنْ نَقَصَ ثَمَنُهُ رَجَعَ بِنَقْصِهِ عَلَى الْغَائِبِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَتَى لِلْعَبْدِ وقتٌ مِنْ يَوْمِ قَضَى بِثَمَنِهِ يَسْوِي فِيهِ بِالْعَيْبِ أَلْفًا فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَائِبِ لِأَنَّهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ يُعْتَبَرُ مُسْتَوْفِيًا وَلَوْ بِيعَ بِأَلْفٍ فَأَخَذَهَا الْحَاضِرُ ثُمَّ أَخَذَ الْغَائِبُ الْأَلْفَ ثُمَّ رُدّ الْعَبْدُ بِعَيْبٍ فَإِنْ كَانَتْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ بِالْعَيْبِ أَلْفًا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْقَادِمِ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَمِائَةٍ رَجَعَ عَلَى الْقَادِمِ بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَإِنَّمَا جَعَلَ أَشْهَبُ مَوْتَ الْعَبْدِ وتلاف الْمَالِ مِنَ الْغَائِبِ فِي الْمَوْتِ وَأَمَّا فِي الْفَلَسِ فَمِنَ الْمُفَلَّسِ لِبَقَاءِ الْمَحَلِّ قَابِلًا لِلضَّمَانِ وَلَوْ طَرَأَ وَارِثٌ عَلَى وَارِثٍ فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ كَالْغَرِيمِ يَطْرَأُ عَلَى الْغَرِيمِ وموصىً على الْمُوصَى لَهُ بِجَامِعِ الِاسْتِحْقَاقِ وَقَالَ ابْنُ عبد الحكم: يقاسم الطَّارِئ الملئ فِيمَا أَخَذَ كَأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يَتْرُكْ غَيْرَهُمَا ثمَّ يَرْجِعَانِ عَلَى سَائِرِ الْوَرَثَةِ بِمَا يَعْتَدِلُونَ بِهِ مَعَهُمْ فَمَنْ أَيْسَرَ مِنْهُمْ قَاسَمُوهُ ثُمَّ رَجَعُوا عَلَى الْبَاقِينَ هَكَذَا حَتَّى يَعْتَدِلُوا قَالَ مُحَمَّدٌ: وَالْغَرِيمُ يطرأُ عَلَى مُوصًى لَهُ كَذَلِكَ يَأْخُذُ الملئ إِلَى مَبْلَغِ حَقِّهِ لِأَنَّهُ مُبَدَّأٌ عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ مَعَهُ شَيْءٌ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ بِخِلَافِ وَارِثٍ يَطْرَأُ عَلَى وَارِثٍ أَوْ غَرِيمٍ عَلَى غَرِيمٍ لِأَنَّهُ مساوٍ لِمَنْ يَطْرَأُ عَلَيْهِ وَرَوَى أَشْهَبُ أَنْ يُسَاوِيَهُ فِيمَا يَجِدُ بِيَدِهِ لِهَذَا وَرَأَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مَا أَخَذَ مِنْ حِصَّتِهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا قَبَضَ غَيْرُهُ لِعَدَمِ تعدِّيه بِقَبْضِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ: إِذَا طَرَأَتِ امرأةٌ وَقَدْ أَخَذَتِ امْرَأَةٌ الثَّمَنَ وَالِابْنُ مَا بَقِيَ وَوُجِدَتِ الْمَرْأَةُ عَدِيمَةً وَالِابْنُ مَلِيًّا رَجَعَتْ عَلَى الِابْنِ بِثُلُثِ خُمُسٍ مَا صَارَ إِلَيْهِ لِأَنَّ مِيرَاثَهُ سَبْعَةُ أَثْمَانٍ وَلِلطَّارِئَةِ نِصْفُ الثَّمَنِ فَأَضْعَفَهَا تَصِيرُ خَمْسَةَ عَشَرَ لَهَا سَهْمٌ وَترجع هِيَ عَشَرَ وَلِلطَّارِئَةِ سَهْمٌ هَذَا عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يُقَسَّمُ سَهْمُهَا عَلَى ثَمَانِيَةٍ تَأْخُذُ مِنَ الِابْنِ سَبْعَةَ أَثْمَانِ نِصْفِ الثَّمَنِ وَمِنَ الْمَرْأَةِ ثَمَنَ نِصْفِ الثَّمَنِ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَلَوْ قَالَتِ الطَّارِئَةُ مَعِي نَصِيبِي أَوْ تَرَكْتُ حَقِّي لَكُمَا انْتَقَضَتِ الْقِسْمَةُ الْأُولَى بَيْنَ الِابْنِ وَالْمَرْأَةِ وَيَقْتَسِمَانِ مَا بِأَيْدِيهِمَا خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا لِلزَّوْجَةِ سَهْمٌ وَلِلِابْنِ مَا بَقِيَ وَإِذَا طَرَأَ وَارِثٌ أَوْ غَرِيمٌ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ وَهُوَ مَلِيءٌ وَبَاقِيهِمْ مُعدمٌ فَقَالَ تَلِف مِنِّي مَا أخذت لَا يصدق فِيمَا يُغَاب إِلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ لِلتُّهْمَةِ وَإِلَّا صُدق مَا لَمْ يُتَبَيَّنْ كَذِبُهُ مِثْلَ أَنْ يَذْكُرَ مَوْتَ الْعَبْدِ أَوِ الدَّابَّةِ بِمَوْضِعٍ لَا يَخْفَى بِخِلَافِ السَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ وَهَرَبِ الدَّابَّةِ يُصَدَّقُ مُطْلَقًا مَعَ يَمِينِهِ.
فرع:
فِي النَّوَادِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِذَا أَخَذَ غُرماء الْمَيِّتِ أَوِ الْمُفَلَّسِ دينَهم وَبَقِيَ رَبعُ أَوْ غَيْرُهُ فَهَلَكَ ثُمَّ طَرَأَ غَرِيمٌ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْأَوَّلِينَ إِنْ كَانَ الَّذِي تَرَكَ وَفَاءً لِلطَّارِئِ وَلَوْ كَانَ الْوَرَثَةُ أَخَذُوهُ فِي الْمَوْتِ رَجَعَ الطَّارِئُ عَلَيْهِمْ أَمْلِيَاءَ أَوْ عُدَماء وَإِنْ كَانَ واحدٌ مَلِيئًا أُخِذَ مِنْهُ كُلُّ مَا أَخَذَ وَيَرْجِعُ هَذَا الْوَارِثُ عَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ بِبَقِيَّةِ حَقِّهِ عَلَى أَنَّ مَا تَرَكَهُ الْمَيِّتُ مَا أَخَذُوا وَمَا بَقِيَ بِيَدِ هَذَا إِن بَقِي شَيْء وَلَا يتبع الملئ المُعدم وَيَضْمَنُونَ مَا أَكَلُوا وَاسْتَهْلَكُوا بِخِلَافِ مَا لَا سَبَبَ لَهُمْ فِي هَلَاكِهِ وَمَا بَاعُوهُ بِلَا مُحَابَاةٍ فَإِنَّمَا عَلَيْهِمُ الثَّمَنُ وَمَا جُنِيَ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ فَلَهُمْ أَجْمَعِينَ أَرْشُ ذَلِكَ كَانَتِ الْقِسْمَةُ بِأَنْفُسِهِمْ أَوْ بِحَاكِمٍ وَقَالَهُ كُلَّهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي أَمَرَ بِبَيْعِ الرَّقِيقِ الْوَصِيَّ أَوْ وَصِيَّ الْوَصِيِّ إِلَيْهِ فَاشْتَرَى الْوَرَثَةُ مِنْهُمْ كَغَيْرِهِمْ وَلَمْ يكن يمْضِي الْقِسْمَةَ ضَمِنَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مَا فَاتَ وَاتَّبَعَهُمُ الْغُرَمَاءُ بِالْأَثْمَانِ وَلَوْ كَانَ قِسْمَةً لَمْ يَتَّبِعُوا قَالَ أَصْبَغُ: لَا أَرَى ذَلِكَ وَقِسْمَتُهُمْ وَقِسْمَةُ السُّلْطَان أَو الْوَصِيّ سَوَاء لقَوْل مَالك قَالَ فِي الْحَالِفَةِ بِعِتْقِ أَمَتِهَا فَبَاعَتْهَا ثُمَّ وَرِثَتْهَا هِيَ وَإِخْوَتُهَا فَاشْتَرَتْهَا فِي حَظِّهَا ثُمَّ فَعَلَتِ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ لَمْ تَحْنَثْ إِنْ كَانَ قَدْرُ مِيرَاثِهَا وَشِرَاؤُهَا كَالْقِسْمَةِ.
فرع:
قَالَ: إِذَا فُلِّسَ وَلَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَمِائَةُ دِرْهَمٍ فَأَخَذَ الْغُرَمَاءُ الْأَلْفَ وَأُوقِفَتِ الْمِائَةُ فَهَلَكَتْ ثُمَّ طَرَأَ غَرِيمٌ لَهُ مِائَتَانِ فَهِيَ مِنَ الطَّارِئِ وَإِنْ أَنْفَقَهَا الْمُفَلَّسُ فَهِيَ فِي ذِمَّتِهِ لَهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِينَ بِهَا وَيَرْجِعُ بِالْمِائَةِ الْأُخْرَى عَلَيْهِمْ فِي الْأَلْفِ بِجُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ قَالَهُ عبد الْمَالِك وَهُوَ بَعِيدٌ بَلْ أَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ يَرْجِعُ فِي الْألف وَمِائَة بجزئين مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ فَيَأْخُذُ مِائَتَيْنِ إِلَّا سُدُسَ مِائَةٍ فَيُحْسَبُ عَلَيْهِ الْمِائَةُ الذَّاهِبَةُ وَيَرْجِعُ بِخَمْسَةِ أَسْدَاس مائَة قَالَه عبد الْمَالِك وَكَذَلِكَ لَوْ بِيعَ بَعْضُ مَالِهِ فَكَانَ كَفَافَ دَيْنِ الْغُرَمَاءِ وَكَانَ الظَّنُّ أَنَّ جَمِيعَ مَالِهِ لَا يَفِي بِدَيْنِهِمْ فَأُخِذَ مَنْ قَامَ حَقُّهُ وَبَقِيَ بِيَدِهِ الْبَاقِي فَلَا يَرْجِعُ الطَّارِئُ عَلَى الْأَوَّلِينَ وَإِنْ هَلَكَ الْبَاقِي إِنْ كَانَ كَفَافَ دَيْنِهِمْ وَقَالَ أَصْبَغُ: إِنَّمَا هَذَا فِي الْمَيِّتِ لِعَدَمِ ذِمَّتِهِ أَمَّا الْمُفَلَّسُ فَحَقُّ الطَّارِئِ فِي ذِمَّتِهِ لَا يَضْمَنُ الْهَالِكَ كَمَا لَوْ حَضَرَ وَامْتَنَعَ مِنَ الْقِيَامِ فَهَلَكَ مَا بِيعَ مِنَ الْإِيقَافِ لَضَمِنَ ذَلِكَ مَنْ قَامَ بِتَفْلِيسِهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَلَوْ أَبَقَ عَبْدٌ فَاقْتَسَمَ الْغُرَمَاءُ ثُمَّ قَدِمَ الْآبِقُ فَمَاتَ أَوْ أَبَقَ ثَانِيَةً ثُمَّ طَرَأَ غَرِيمٌ حَاصَّ الْأَوَّلِينَ بِمَا بَقِيَ لَهُ بَعْدَ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَلَوْ لَمْ يَقْدَمِ الْعَبْدُ لَحَاصَّ بِجَمِيعِ دَيْنِهِ وَلَوْ رَجَعَ عَلَى الْأَوَّلِينَ فَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُمْ شَيْئًا ثُمَّ قَدِمَ العَبْد لَرَجَعَ طَلَبُهُ فِي الْعَبْدِ دُونَهُمْ إِلَّا أَنْ يَبْقَى لَهُ شَيْءٌ بَعْدَ ثَمَنِ الْعَبْدِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يَظْهَرُ لِلْغَرِيمِ مِنْ عَطِيَّةٍ وَغَيْرِهَا قَبْلَ أَخْذِ الطَّارِئِ مِنَ الْغُرَمَاءِ شَيْئًا وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يَقْطَعُهُ الْحُكْمُ قَالَ أَصْبَغُ: إِذَا حَكَمَ بِالرُّجُوعِ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَاصِ مَضَى وَلَمْ يرجع فِي الطَّارِئ كجميل الْوَجْهِ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْمَالِ ثُمَّ يَأْتِي الْغَرِيمُ قَبْلَ قَبْضِ الطَّالِبِ وَمَنَعَ ابْنُ حَبِيبٍ إِلْحَاقَهُ بِالْحَمِيلِ وَلَوْ وَهَبَ لَهُ أَبُوهُ بَعْدَ أَخْذِ الْغُرَمَاءِ أَوْ وَرِثَهُ فَعُتِقَ عَلَيْهِ لَرَجَعَ الطَّارِئُ الَّذِي دَيْنُهُ بِتَارِيخِ دَيْنِ الْأَوَّلِينَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَا تُرَدُّ وَيُنَفَّذُ عِتْقُهُ عَلَى الْغُرَمَاءِ لَيْلًا يَبْطُلَ مَقْصُودُ الْوَاهِبِ بِخِلَافِ شِرَائِهِ أَوْ أَخْذِهِ فِي دَيْنِهِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ لِلْغُرَمَاءِ وَلَوْ حَلَفَ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ إِنِ اشْتَرَاهُ قَبْلَ الدَّيْنِ أَوْ بعده بعد اقْتِسَامِ مَالِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَعُتِقَ عَلَيْهِ إِنْ لم يكن يَوْم الْعتْق ملئاً بِحَقِّ الطَّارِئِ رُدَّ عِتْقُهُ وَأَخَذَ مِنْهُ الطَّارِئُ دَيْنَهُ وَعُتِقَ مَا فَضَلَ وَإِنْ نَقَصَ رَجَعَ بِمَا نَقَصَ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَلَوْ مَلَكَهُ بِهِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ فَكَمَا تَقَدَّمَ فِي الْأَبِ وَلَوْ ظَنَّ أَنَّ مَالَهُ كَفَافُ دَيْنِهِ فَقَسَّمَ فَحَدَثَ لَهُ هِبَةٌ أَوْ مِيرَاثٌ أَوْ دَيْنٌ أَقَرَّ لَهُ بِهِ ثُمَّ تَلِفَ ذَلِكَ مِنْ يَدَيْهِ فَلَا يَرْجِعُ الطَّارِئُ عَلَى الْأَوَّلِينَ لِاتِّسَاعِ مَالِهِ بِمَا هَلَكَ وَلَوِ اقْتَسَمُوا دَيْنَهُمْ بِبَيِّنَةٍ فَقَامَ الطَّارِئُ عَلَيْهِمْ بِمِائَةٍ فَرَجَعَ شَاهِدَانِ كَانَا شَهِدَا لِبَعْضِ الْأَوَّلِينَ بِمِائَةٍ لَرَجَعَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَلَا يَخْتَصُّ بِمَنْ رَجَعَتْ بَيِّنَتُهُ ثُمَّ يَرْجِعُونَ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ الرَّاجِعَيْنِ بِالْمِائَةِ وَفِيهِمُ الَّذِي رَجَعَ شَاهِدَاهُ.

.الْحُكْمُ التَّاسِعُ حَبْسُهُ إِذَا لَمْ يَثْبُتْ إِعْسَارُهُ:

وَفِي الْكتاب لَا يحبس إِلَّا المالئ الْمُتَّهَمُ بِتَغْيِيبِ مَالِهِ وَإِلَّا فَيُسْتَبْرَأُ وَلِلْحَاكِمِ حَبْسُهُ قَدْرَ اسْتِبْرَائِهِ أَوْ يَأْخُذُ لَهُ حَمِيلًا فَإِذَا ظَهرت بَرَاءَته أطلق وَمَتى تبين عدم الملئ أَوِ الْمُتَّهَمِ أُطْلِقَ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ وَلَا يلازمه رب الدّين وَقَالَهُ (ش) خلافًا (ح) وَكَذَلِكَ وَافَقَنَا (ش) فِي سَمَاعِ بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ فِي الْحَالِ وَقَالَ (ح) حَتَّى يُحْبَسَ مُدَّةً يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّ الْحَاكِمِ عَدَمُ مَالِهِ وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ لَظَهَرَ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تُسْمَعُ إِلَّا إِذَا كَانَ تُعْلَمُ حَالُهُ بِالْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ فَلَا مَعْنًى لِحَبْسِهِ وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَيُحْبَسُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لِصَاحِبِهِ وَالْوَلَدُ بِدَيْنِ أَبَوَيْهِ وَلَا يحبسان لَهُ أَنه عُقُوقٌ وَلَا يَحْلِفُ الْأَبُ فَإِنِ اسْتَحْلَفَهُ فَهُوَ جُرْحَةٌ عَلَى الِابْنِ وَيُحْبَسُ الْجَدُّ وَالْأَقَارِبُ وَالنِّسَاءُ وَالْعَبِيدُ وَالذِّمَّةُ وَالسَّيِّدُ فِي دَيْنِ مَكَاتَبِهِ وَلَا يُحْبَسُ الْمَكَاتَبُ بِالْعَجْزِ عَنِ الْكِتَابَةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي الذِّمَّةِ وَلَكِنْ يُتَلَوَّمُ لَهُ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ: الْإِلْدَادُ وَاللِّدَادُ: الْخُصُومَةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَتُنْذِرَ بِهِ قوما لدا} مِنْ لَدِيدَيِ الْوَادِي وَهُمَا جَانِبَاهُ كَأَنَّهُ يَرْجِعُ مِنْ جَانِبٍ إِلَى جَانِبٍ لَمَّا كَانَ يَرْجِعُ مِنْ حُجَّةٍ إِلَى حُجَّةٍ وَقِيلَ مِنْ لَدِيدَيِ الْفَمِ وَهُمَا جَانِبَاهُ لِإِعْمَالِهَا فِي الْكَلَامِ فِي الْخُصُومَةِ أَوْ مِنَ التَّلَدُّدِ وَهُوَ التَّحَيُّرُ لِأَنَّهُ يُحَيِّرُ صَاحِبَهُ بِحَجَّتِهِ وَقَوْلُهُ حَمِيلًا بِالْوَجْهِ لَا بِالْمَالِ وَيُقْضَى عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ بِهِ وَالْمُتَّهَمِ بِإِخْفَاءِ الْمَالِ حَمِيلًا بِالْمَالِ دُونَ الْوَجْهِ إِلَّا أَنْ يَحْتَاجَ لِلْخُرُوجِ مِنَ السِّجْنِ لِمَنَافِعِهِ وَيَرْجِعُ فَيُؤْخَذُ بِالْوَجْهِ فَقَطْ وَمَنْ عُرِفَ بِالنَّاضِّ لَا يُؤَجَّلُ سَاعَةً وَيُؤَجَّلُ صَاحِبُ الْعُرُوضِ مَا يَبِيعُ عُرُوضَهُ عَلَى حَالِهَا وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ نَفْيًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ وَقِيلَ تُبَاعُ بِحِينِهَا تَغْلِيبًا لِحَقِّ الطَّالِبِ وَغَيْرُ الْمَعْرُوفِ بِالنَّاضِّ فِي تَحْلِيفِهِ عَلَى إِخْفَاءِ النَّاضِّ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ وَقِيلَ إِنْ كَانَ مِنَ التُّجَّارِ حَلَفَ وَإِلَّا فَلَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَشْرُوعِيَّة يَمِين التهم وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَلْزَمُهُ حَمِيلٌ حَتَّى يَبِيعَ وَلَا يُسْجَنَ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى الْحَمِيلِ وَالسَّجْنِ وَقَالَهُ سُحْنُونٌ وَفِي النُّكَتِ: أَصْلُ السَّجْنَ إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ وقَوْله تَعَالَى {وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِما} فَإِذَا كَانَ لَهُ مُلَازَمَتُهُ وَمَنْعُهُ مِنَ التَّصَرُّفِ كَانَ لَهُ حَبْسُهُ وَالْحَبْسُ ثَلَاثَةٌ: حَبْسُ التَّلَوُّمِ وَالِاخْتِبَارِ إِذَا لَمْ يُتَّهَمْ فِي تَغْيِيبِ الْمَالِ وَلِلتُّهْمَةِ أَوِ اللِّدَادِ فَحَتَّى يَتَبَيَّنَ عَدَمُهُ وَلِأَنَّهُ نَفَى مَعْلُومًا لَهُ فَحَتَّى يُخْرِجَ ذَلِكَ الْمَالَ وَيُعْطِيَ الدَّيْنَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: الْمَجْهُولُ الْعُدْمِ أَوِ الْمُتَّهَمُ بِتَغْيِيبِ مَالِهِ أَقَلُّ حَبْسِهِ فِي الدُّرَيْهِمَاتِ الْيَسِيرَةِ نِصْفَ الشَّهْرِ وَلَا يُحْبَسُ فِي كَثِيرِ الْمَالِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَفِي الْمُتَوَسِّطِ شَهْرَانِ لِأَنَّ ثُلُثَ الْعَامِ اعْتُبِرَ فِي الْإِيلَاءِ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: لَا يُحْبَسُ الْوَالِدُ إِلَّا فِي نَفَقَةِ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ لِأَنَّ ذَلِكَ لِلْحَاكِمِ لَا لِلصَّغِيرِ فَلَا عُقُوقَ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ حَبْسُ التَّلَوُّمِ وَالِاخْتِبَارِ هُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الدُّرَيْهِمَاتِ نِصْفُ شَهْرٍ وَفِي الْكَثِيرِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَفِي الْمُتَوَسِّطِ شَهْرَانِ وَأَمَّا الْمَلِيءُ الْمُتَّهَمُ فَحَتَّى يَثْبُتَ عُدْمُهُ فَيَحْلِفَ وَيُسَرَّحَ وَأَمَّا مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ وَقَعَدَ عَلَيْهَا وَادَّعَى الْعُدْمَ فَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ فَأَبَدًا حَتَّى يُؤَدِّيَ أَوْ يَمُوتَ فِي الْحَبْسِ وَقَالَ سُحْنُونٌ يُضْرَبُ بِالدِّرَّةِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَوْ يَمُوتَ لِأَنَّهُ الْجَانِي عَلَى نَفْسِهِ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَالْقَضَاءُ عَلَيْهِ فِي هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَرْضَوْنَ بِالسَّجْنِ لِيَأْكُلُوا أَمْوَالَ النَّاسِ وَلَا يَلِيقُ خِلَافُ هَذَا وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ تَحْدُثُ لِلنَّاسِ أَقْضِيَةٌ بِقَدْرِ مَا أَحْدَثُوا مِنَ الْفُجُورِ وَلَا يُمَكَّنُ الْمُلِدُّ الْمُتَّهَمُ مِنْ إِعْطَاءِ حميل غلا حَمِيلًا فَلَزِمَهُ الْغَرِيمُ وَلَا يُسْقِطُ الْغُرْمَ عَنْهُ إِثْبَات الملطوب الْعُدْمِ وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِالْعُدْمِ لَمْ يُتْرَكْ قَالَه سَحْنُون وَإِن سَائل الطَّالِبَ أَنْ يُعْذَرَ إِلَيْهِ فِي الشُّهُودِ فَيُعَادَ لِلسِّجْنِ إِنْ قَدَحَ فِي الْبَيِّنَةِ وَيُسْتَحَلَفُ إِنْ لَمْ يَقْدَحْ ثُمَّ يُسْجَنُ وَلَيْسَ قَوْلُهُ مُخَالِفًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ قَالَ مَالِكٌ: إِذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ احْتج كَذَا يحبس وَلَا يعجل سراجه وَكَيْفَ يَعْرِفُونَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عِنْدَهُ؟ وَفِي التَّلْقِينِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: مُدَّةُ الْحَبْسِ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ بَلْ لِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ.
فرع:
فِي الْجَوَاهِرِ: مَنْ حَلَّ دَيْنُهُ فَسَأَلَ التَّأْخِيرَ وَوَعَدَ بِالْقَضَاءِ قَالَ عبد الْمَالِك: يُؤَخِّرُهُ الْإِمَامُ حَسْبَمَا يُرْجَى لَهُ وَلَا يُعَجِّلُ عَلَيْهِ وَفِي كِتَابِ سُحْنُونٍ: إِنْ سَأَلَ أَنْ يُؤَخِّرَ الْيَوْمَ وَنَحْوَهُ وَيُعْطِيَ حَمِيلًا بِالْمَالِ فَعَلَ.
فرع:
فِي الْمُقَدِّمَاتِ: يُحْبَسُ الْوَصِيُّ فِيمَا عَلَى الْأَيْتَامِ إِنْ كَانَ فِي يَدِهِ لَهُمْ مَالٌ وَكَذَلِكَ الْأَبُ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ مَالُ ابْنِهِ لم يعلم نفاده لِادِّعَائِهِ خِلَافَ الظَّاهِرِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ.
فرع:
قَالَ: وَلَيْسَ لِمَنْ قَالَ لَا شَيْءَ لِي أَمَّا مَنْ قَالَ أَخِّرُونِي وَوَعَدَ بِالْقَضَاءِ أُخِّرَ قَدْرَ مَا يُرْجَى لَهُ فَإِنْ تَنَازَعَا فِي الْقُدْرَةِ عَلَى النَّاضِّ إِنْ حَقَّقَ الدَّعْوَى حلف اتِّفَاق وَإِلَّا فَعَلَى الْخِلَافِ فِي يَمِينِ الْمُتَّهَمِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الطَّالِبُ وَلَمْ يُؤْخَذِ الْمَطْلُوبُ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا.
فرع:
قَالَ: فَإِنْ طَلَبَ تَفْتِيشَ دره فَلِلْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلَانِ وَمَا وُجِدَ فِي دَارِهِ فَهُوَ مِلْكُهُ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ.
فرع:
قَالَ إِذَا ثَبت عدم الْغَرِيم أَو انْقِضَاء أمد سجه فَلَا يُطلق حَتَّى يسْتَحْلف مَاله مَالٌ ظَاهِرٌ وَلَا بَاطِنٌ وَلَئِنْ وَجَدَ مَالًا لِيُؤَدِّيَنَّ إِلَيْهِ حَقَّهُ وَيَحْلِفُ مَعَ ثُبُوتِ عَدَمِهِ لِأَنَّ الشُّهُودَ إِنَّمَا شَهِدُوا لَهُ عَلَى الْعِلْمِ كَالْمُسْتَحِقِّ لِلْعُرُوضِ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ يَحْلِفُ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ لِأَنَّ الشُّهُودَ لَمْ يَشْهَدُوا عَلَى الْقَطْعِ بَلْ بِاسْتِصْحَابِ الْمِلْكِ فَإِذَا حَلَفَ خُلِّيَ سَبِيلُهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ إِفَادَتَهُ الْمَالَ فَإِنْ طَلَبَ تَحْلِيفَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُفِدْ مَالًا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدِ اسْتَحْلَفَهُ على ذَلِك ليلاّ يَغُشَّهُ بِالْيَمِينِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَهَذَا فَائِدَةُ قَوْلِهِ فِي الْيَمِينِ لَئِنْ وَجَدْتُ لَوَفَّيْتُهُ حَقَّهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يَسْتَحْلِفَانِ الْمُعْسِرَ الَّذِي لَا يُعْلَمُ لَهُ مَالٌ أَنَّهُ مَا يَجِدُ قَضَاءً فِي فَرْضٍ أَوْ عَرْضٍ وَأَنَّهُ إِنْ وَجَدَ قَضَاءً لَيَقْضِيَنَّ فَفِي التَّحْلِيفِ مَصْلَحَةُ الطَّالِبِ بِالِاسْتِظْهَارِ وَمَصْلَحَةُ الْمَطْلُوبِ بِامْتِنَاعِ تَحْلِيفِهِ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ عُرِفَ مِلَاؤُهُ فِي الْجَامِع.
فرع:
قَالَ فَإِن شهد بَيِّنَتَانِ بِعَدَمِهِ وَمَلَائِهِ وَلَمْ تُعَيِّنِ الْبَيِّنَةُ مَالًا فَفِي أَحْكَامِ ابْنِ زِيَادٍ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمَلَاءِ وَإِنْ كَانُوا أَقَلَّ عَدَالَةً وَيُحْبَسُ بِشَهَادَتِهِمْ حَتَّى يشْهد أَنه أُعْدِمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ بَعِيدٌ وَالصَّحِيحُ رِوَايَةُ أَبِي زَيْدٍ أَنَّ ذَلِكَ تَكَاذُبٌ وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْعَدَم لِأَنَّهَا أثبت حكما فَيحلف ويسرح الْأُخْرَى نَفَتِ الْحُكْمَ وَإِنَّمَا تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمَلَاءِ إِذَا تَعَارَضَتَا بعد تَحْلِيفه وتسريحه لأها أَثْبَتَتْ حُكْمًا وَهُوَ سَجْنُهُ وَرَوَى أَبُو زَيْدٍ: تَسْقُطُ الْبَيِّنَتَانِ إِذَا اسْتَوَتَا فِي الْعَدَالَةِ ثُمَّ إِنْ كَانَ مُتَّهَمًا حُبِسَ حَتَّى يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ عَلَى الْعُدْمِ أَعْدَلَ مِنْ بَيِّنَةِ الْمَلَاءِ وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا سُجِنَ تَلَوُّمًا أُطْلِقَ.
فرع
قَالَ التُّونُسِيُّ: لَا يَخْرُجُ الْمَحْبُوسُ للجُمعة وَلَا الْعِيدَيْنِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَاسْتَحْسَنَ إِذَا اشْتَدَّ الْمَرَض بأبويه أَو وَلَده أَو أَخِيه مَنْ يَقْرُبُ مِنْ قَرَابَتِهِ وخِيف عَلَيْهِ الْمَوْتُ أَنْ يَخْرُجَ فيسلِّم عَلَيْهِ وَيُؤْخَذَ مِنْهُ حَمِيلٌ بِوَجْهِهِ وَلَا يُفْعَلُ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِمْ مِنَ الْقَرَابَاتِ وَلَا يَخْرُجُ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ لِتَقَدُّمِ الدَّيْنِ عَلَى الْحَجِّ وَلَوْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ نَذَر فحنِث فَقُيِّمَ عَلَيْهِ بَدَيْنٍ حُبِس وَبَقِيَ عَلَى إِحْرَامِهِ وَلَوْ ثَبَتَ الدَّيْنُ يَوْمَ نُزُولِهِ بِمَكَّةَ أَوْ مِنًى أَوْ عَرَفَةَ استُحِبَّ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ كَفِيلٌ حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ الْحَجِّ ثُمَّ يُحْبَسَ بَعْدَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ وَلَا يخرُج لِيُعينَ عَلَى الْعَدُوِّ إِلَّا أَنْ يُخاف عَلَيْهِ الْأَسْرُ أَوِ الْقَتْلُ بِمَوْضِعِهِ فَيَخْرُجَ إِلَى غَيْرِهِ وَيَخْرُجُ لحدِّ الْقَذْفِ لِتَقَدُّمِ الْأَعْرَاضِ عَلَى الْأَمْوَال ثمَّ يُرَدُّ وَلَا يخرج إِنَّه مَرِضَ إِلَّا أَنْ يَذْهَبَ عَقْلُهُ فَيَخْرُجَ بِحَمِيلٍ حَتَّى يَعُودَ عَقْلُهُ وَيُحْبَسُ النِّسَاءُ عَلَى حِدَةٍ وَفِي النَّوَادِرِ: يُمنع الْمَحْبُوسُ مِمَّنْ يُسلِّم عَلَيْهِ ويُحدثِّه وَإِنِ اشْتَدَّ مَرَضُهُ وَاحْتَاجَ إِلَى أمةٍ مُباشرة جُعِلَتْ مَعَهُ حَيْثُ يَجُوزُ ذَلِكَ وَإِنْ حُبس الزَّوْجَانِ لَا يُفَرَّقَانِ إِنْ كَانَ الْحَبْسُ خَالِيا وَإِلَّا فُرِّقا وَلَا يُفَرَّقُ الْأَبُ مِنِ ابْنِهِ وَلَا غَيْرِهِ مِنَ الْقَرَابَاتِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ لِعِظَمِ النَّفْعِ بِهَا وَإِذَا أقرَّ فِي الْحَبْسِ أَنَّهُ أَجَّرَ نَفْسَهُ لِيُسَافِرَ مَعَ رَجُلٍ لَمْ يُخرج لِذَلِكَ وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ وَلِلْمُطَالَبِ فسخُ الْإِجَارَةِ لِلسَّجْنِ لِأَنَّهُ بِحكم حَاكم بِخِلَاف غَيره وَإِذ أَرَادَ الزَّوْجُ السَّفَرَ بِامْرَأَتِهِ فأقرَّت بدينٍ فَأَرَادَ الْغَرِيمُ حَبْسَهَا فِي هَذَا الْبَلَدِ حُبست فِي الْبَيِّنَةِ وَالْإِقْرَارِ إِلَّا أَنْ تُتَّهَمَ.
فرع:
قَالَ اللَّخْمِيُّ: الْمَعْرُوفُ مِنَ الْمَذْهَبِ حملُ الْغَرِيمِ عَلَى الْيَسَارِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِقَةٍ بَيْنَ الْأَحْوَالِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ وَالنَّاسُ مَجْبُولُونَ عَلَى الْكَسْبِ وَالتَّحْصِيلِ وَعَنْ مَالِكٍ أنَّ مَنْ لَمْ يُتهم بِكَتْمِ مَالٍ وَلَيْسَ يتأجر لَا يُفلَّس وَلَا يُستَخلف يُرِيدُ مَنْ هُوَ معروفٌ بِقِلَّةِ ذَاتِ الْيَدِ وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُعَامَلَ أَرْبَابُ الصَّنَائِعِ كَالْبَقَّالِ وَالْخَيَّاطِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَا يُحبس إِلَّا أَنْ يَكُونَ المُدعى بِهِ يَسِيرًا مِمَّا عُومِلَ عَلَيْهِ فِي صَنْعَتِهِ أَوْ أُخِذَ عَنْهُ عِوَضًا أَوْ حَمَالَةً لِأَنَّ الْحَمِيلَ قَائِلٌ أَنَا أَقْوَمُ بِمَا عَلَيْهِ فَهُوَ إِقْرَارٌ بِالْيُسْرِ وَكَذَلِكَ الصَّدَاقُ يُحْمَلُ فِيهِ الرَّجُلُ عَلَى حَالٍ مِثْلِهِ فَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَتَزَوَّجُ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مُؤَخَّرُ الصَّدَاقِ وَخُصُوصًا أَهْلُ الْبَوَادِي وَكَذَلِكَ جِنَايَةُ الْخَطَأِ الَّتِي لَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِذَا أَعْتَقَ بَعْضَ عبدٍ وَقَالَ لَيْسَ عِنْدِي قِيمَةُ الْبَاقِي يُسأل جِيرَانَهُ وَمَعَارِفَهُ فَإِنْ قَالُوا لَا نَعْلَمُ لَهُ مَالا أُحلف وتُرك وَقَالَ سُحْنُونٌ: جَمِيعُ أَصْحَابِنَا عَلَى ذَلِكَ فِي الْعِتْقِ إِلَّا فِي الْيَمِينِ فَإِنَّهُ لَا يُستحلف عِنْدَهُمْ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أصلٌ فِي كُلِّ مَالٍ مَا لَمْ يُؤْخَذْ لَهُ عوضٌ أَنَّهُ لَا يُحْمَلُ فِيهِ الْمَلَاءُ وَاللَّدَدُ فَإِنَّ الْغَالِبَ التَّحَيُّلُ لِلْوَلَدِ وَالْقِيَامُ بِهِ.
فرع:
قَالَ: إِذَا حُبس حَتَّى يثبت فقره ثمَّ أَتَى بِحمْل (لَهُ) ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِثُبُوتِ الْإِعْسَارِ وَمَنَعَ سُحْنُونٌ لِأَنَّ السِّجْنَ أَقْرَبُ لِحُصُولِ الْحَقِّ وَإِذَا غَابَ المتحمَّل عَنْهُ وَأَثْبَتَ الْحَمِيلُ فَقْرَ الْغَرِيمِ بَرِئَ مِنَ الْحَمَالَةِ.
فرع:
قَالَ تُسأل الْبَيِّنَةُ كَيْفَ عَمِلَتْ فِقْرَهُ فَإِنْ قَالُوا نَسْمَعُهُ يَقُولُ ذَهَبَ مَالِي وَخَسِرْتُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَمْ تُسمع هَذِهِ الْبَيِّنَةُ وَإِنْ قَالُوا كُنَّا نَرَى تصرفَه فِي بَيْعِهِ وقدرَ أَرْبَاحِهِ أَوْ نُزُولِ الْأَسْوَاقِ وَنَقْصِ رَأْسِ مَالِهِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ وَأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى مَا ادَّعَاهُ سُمعت وَلَوْ كَانَ الْمَطْلُوبُ فَقِيرًا فِي مَسَائِلَ: كَمَنْ طُولِبَ بِدَيْنٍ بَعْدَ مُناجمةٍ ويدَّعي الْعَجْزَ بَعْدَ قَضَاءٍ وَيَأْتِي بِمَنْ يَشْهَدُ بِفَقْرِهِ وَحَالُهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ يَوْمٍ وَمَنْ يُطالب بِرِزْقِ وَلَدِهِ بَعْدَ طَلَاقِ الْأُمِّ لَمْ تُسمع بَيِّنَتُهُ بِالْفَقْرِ لِأَنَّهُ بِالْأَمْسِ كَانَ يُنْفِقُ فَهُوَ الْيَوْمَ أَقْدَرُ لِزَوَالِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ إِلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ بِمَا يَقِلُ حَالَهُ.
فرع:
قَالَ: الْأَمِينُ عَلَى النِّسَاءِ فِي الْحَبْسِ امْرَأَةٌ مَأْمُونَةٌ لَا زَوْجَ لَهَا أَوْ لَهَا زَوْجٌ مَعْرُوفٌ بِالْخَيْرِ مَأْمُونٌ ويُحبَسن فِي مَوْضِعٍ خالٍ مِنَ الرِّجَالِ.
فرع:
قَالَ يُحْبَسُ الْوَالِدُ لِلْوَلَدِ فِي صُورَتَيْنِ: نَفَقَةِ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ وَدَيْنٍ عَلَى الْوَلَدِ وَلَهُ مَالٌ فِي يَدَيْهِ إِذَا ألَدَّ عَنْ تَسْلِيمِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ عَيْنًا وَلَوْ مالٌ ظَاهِرٌ يُقَدَّرُ عَلَى الْأَخْذِ مِنْهُ فَيُؤْخَذُ وَلَا يُحْبَسُ وَإِنِ ادَّعَى الْفَقْرَ كُلِّف إِثْبَاتَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ حَبْسٍ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ ويُسأل عَنْهُ بِخِلَافِ إِنْ عُلم لَدَدُهُ وَالْمَالُ كَثِيرٌ وَلَمْ يُوجَدْ مَالٌ ظَاهِرٌ يَقْضِي مِنْهُ حُبس وَإِنْ أَشْكَلَ أَمْرُهُ أَوْ كَانَ الْمَطْلُوبُ يَسِيرًا أَوْ لَهُ قُدِّرَ وَهُوَ حَقِيرٌ فِي كَسْبِ الِابْنِ وَاخْتُلِفَ فِي تَحْلِيفِهِ لَهُ وحدِّه إِنْ قَذَفَهُ وَفِي الْقِصَاصِ إِنْ قَطَعه أَوْ قَتَلَهُ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يُحلَّف وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَهُوَ بِذَلِكَ عاقٌ وتُرَدُّ شَهَادَتُهُ وَقَالَ أَرَى إِنْ كَانَتْ يَمِينَ تُهْمَةٍ بِأَنَّهُ أَخَذَ أَوْ كَتَم مِيرَاثَ أُمِّة لَا يَحْلِفُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ التُّهْمَةُ ظَاهِرَةً فِي ذِي بَالٍ يضرُّ بِالْوَلَدِ وَإِنْ كَانَتْ بِسَبَبِ أَنَّهُ يَجحد مَا دَايَنَهُ وَلَهُ قَدْرٌ أُحلف وَلَا يَحْلِفُ فِي الْيَسِيرِ وَلَا يَحْلِفُ مُطْلَقًا إِذَا كَانَ الْأَبُ ديِّناً فَاضِلًا ويُتهم الِابْنُ فِي أَذَاهُ بِسَبَبٍ تقدَّم قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: ويُحدُّ لَهُ وَيَجُوزُ عفُوه عَنْهُ وَإِنْ بُلِّغَ الإِمَام ويقتصُّ مِنْهُ فِي الْقطع وَالْقَتْل أَصْبَغُ كَذَلِكَ إِلَّا فِي الْقَتْلِ إِذَا كَانَ وَلِيُّ الدَّمِ ابْنَهُ وَهُوَ أَبْيَنُ وَأَرَى عَظِيمًا حَدُّهُ وَقَتْلُهُ وَقَطْعُهُ وَكَذَلِكَ إِنْ قَامَ بِالدَّمِ عَمُّ الْمَقْتُولِ أَوِ ابْنُ عَمِّهِ أَوْ يَكُونُ الْمَقْتُولُ لَيْسَ بِوَلَدٍ لِلْقَاتِلِ وَهِيَ مُخْتَلِفَةُ الْقُبْحِ وَأَشْكَلُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقُومَ بِالْقِصَاصِ ابْنُ أَخِي الْقَاتِلِ فَيُرِيدُ الْقِصَاصَ مِنْ عَمِّهِ وَقَدْ قَالَه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: العمُّ صِنْوُ الْأَبِ وَعَدَمُ تَحْلِيفِ الجدِّ أَحْسَنُ خِلافاً لِلْمُدَوَّنَةِ وَاخْتُلِفَ فِي الْقِصَاصِ مِنْهُ.
فرع:
قَالَ: ويُحبس السَّيِّدُ فِي دَين مُكاتبه إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ حلَّ مِنْ نُجُومِهِ مَا يُوفِي بِدَيْنِهِ أَوْ يَكُونَ فِي قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ إِنْ بِيعَ مَا يُوَفِّي ويُحبس الْمُكَاتَبُ فِي دين السَّيِّد إِذا كلن الدّين من غير الْكِتَابَة وَلَا يُحْبَسُ فِي الْكِتَابَةِ إِلَّا عَلَى الْقَوْلِ إِنَّهُ لَا يُعجزه إِلَّا السُّلْطَانُ وَلَهُ سَجْنُهُ إِذَا اتَّهَمَهُ بِكَتْمِ الْمَالِ طَلَبًا لِلْعَجْزِ.
فرع:
قَالَ: إِذَا أَقَرَّ بِالْمَلَاءِ ولدَّ عَنِ الْقَضَاءِ فَإِنْ وُجد لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ قُضي مِنْهُ إِذا سُجن وَإِذَا سَأَلَ الصَّبْرَ لِإِحْضَارِ النَّاضِّ وَقَالَ لَيْسَ لِي ناضٌُّ أُمهل وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّ التَّأْخِيرِ وَأَخْذِ الْحَمِيلِ وَتَحْلِيفِهِ عَلَى الْعَجْزِ الْآنَ فَقَالَ سَحْنُون: يُؤَخر الْيَوْمَ وَيُعْطِي حَمِيلًا وَإِلَّا سُجن وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ الْمَطْلُوبِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ يَجْتَهِدُ فِي ذَلِكَ الْحَاكِمُ وَيُؤَخَّرُ الْمَلِيءُ نَحْوَ الْخَمْسَةِ الْأَيَّامِ وَلَمْ يَلْزَمْهُ حَمِيلًا وَهُوَ أَحْسَنُ وَمَتَى أَشْكَلَ الْأَمْرُ لَا يُحْمَلُ عَلَى اللَّدَدِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْقَضَاءِ مِنْ يَوْمِهِ بِيعَ مَا شَقَّ عَلَيْهِ بَيْعُهُ وَخُرُوجُهُ مِنْ مِلْكِهِ كَعَبْدِهِ التَّاجِرِ وَمَرْكُوبِهِ وَمَا يُدْرِكُهُ مِنْ بَيْعِهِ مَضَرَّةٌ أَوْ مَعَرَّةٌ لَمْ يَلْزَمْهُ بَيْعُهُ لِأَنَّ الشَّأْنَ مِنْ غَيْرِ ذَلِك قَالَه مَالك.
فرع:
فِي الْكتاب إِذا أَرَادَ بَعْضُهُمْ حَبْسَهُ وَقَالَ غَيْرُهُ دَعْهُ يَسْعَى حُبِسَ لِمَنْ أَرَادَ حَبْسَهُ إِنْ تَبَيَّنَ لَدَدُهُ لِأَنَّ حَقَّ الطَّالِبِ مُسْتَقِلٌّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: إِنْ قَلَّ دَيْنُ طَالِبِ السِّجْنِ وَكثر دين غَيره خير صَاحب لكثير بَيْنَ دَفْعِ الْيَسِيرِ لِصَاحِبِهِ وَبَيْنَ أَنْ يُبَاعَ لَهُ مِمَّا بِيَدِهِ مَا يُوَفِّي بِدَيْنِهِ وَإِنْ أَتَى عَلَى جَمِيعِهِ فَمَنْ شَاءَ حَاصَصَ مَعَ هَذَا الْقَائِمِ وَمَنْ أَخَّرَ فَلَا حِصَاصَ لَهُ وَإِذَا سُجِنَ لِمَنْ قَامَ وَلَهُ دَيْنٌ وَعُرُوضٌ أَكْثَرُ مِنْ دَيْنِ مَنْ قَامَ فَلَا يُفَلَّسُ وَلَا يُقْضَى إِلَّا لِمَنْ حَلَّ دَيْنُهُ ثُمَّ لَو تلف مَا بَقِي بِيَدِهِ وَثمّ غَرِيمٌ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى مَنْ أَخَذَ حَقَّهُ بِشَيْءٍ.
فرع
فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَخَّرَكَ بَعْضُ الْغُرَمَاءِ بِحِصَّتِهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ فَإِنْ أُعْدِمْتَ وَقَدِ اقْتَضَى الْآخَرُ حِصَّتَهُ فَلَا رُجُوعَ لِصَاحِبِهِ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ وَدَخَلَ عَلَى الْغَرَرِ.
فرع:
قَالَ: إِذَا أَدَّيْتَ دَيْنَهُ جَازَ إِنْ فَعَلْتَهُ رِفْقًا بِهِ وَامْتَنِعْ إِنْ أَرَدْتَ الْإِضْرَارَ بِهِ وَكَذَلِكَ شِرَاؤُكَ دَيْنًا عَلَيْهِ تَعْنِيتًا يَمْتَنِعُ الْبَيْعُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْمُشْتَرِي قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ كَمَا إِذَا أَسْلَفْتَ قَاصِدًا النَّفْعَ وَالْمُتَسَلِّفُ غَيْرُ عَالِمٍ وَالْبَائِعُ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ دُونَ الْآخَرِ وَقِيلَ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِإِضْرَارِكَ صَحَّ الْبَيْعُ وَتَحَقَّقَ الْعَقْدُ وَيُبَاعُ الدَّيْنُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَيَرْتَفِعُ الضَّرَرُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَهَذَا أَظْهَرُ.
فرع:
فِي الْجَوَاهِرِ مِنْ كِتَابِ الْوَدِيعَةِ: إِذَا ظَفِرَ صَاحِبُ الدَّيْنِ بِجِنْسِ حَقِّهِ وَقَدْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ أَخْذُ حَقِّهِ مِثْلَ أَنْ يَجْحَدَهُ وَدِيعَتَهُ ثُمَّ يُودِعَ عِنْدَهُ فَهَلْ لَهُ جَحْدُ هَذِهِ الْوَدِيعَةِ فِي الْأُولَى؟ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ: رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ الْمَنْعَ وَالْكَرَاهَةُ رَوَاهَا أَشْهَبُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَاسْتَحَبَّهُ عَبْدُ الْمَلِكِ تخليصاً للظالم من الظَّالِم وَالْخَامِسُ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَأْخُذْ إِلَّا حِصَّتَهُ وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَتْهُ هِنْد أم مُعَاوِيَة - رَضِي الله عَنهُ - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَغَنِيٌّ لَا يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ سِرًّا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ هَلْ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى ذِكْرِ الْعَيْبِ عِنْدَ الْحَاجَةِ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا ذَمَّ الشُّحِّ وَمَنْعَ الْحَقِّ وَعَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ عَلَى الزَّوْجِ وَالْوَالِدِ قَدْرَ الْكِفَايَةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ وَعَلَى جَوَازِ قَضَاءِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ لِاكْتِفَائِهِ بِعِلْمِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ الْبَيِّنَةِ وَعَلَى الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا وَعَلَى أَخْذِ جِنْسِ الْحَقِّ وَغَيْرِ جِنْسِهِ إِذَا ظَفِرَ بِهِ مِنَ الْمِلْكِ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَذِنَ لَهَا فِي أَخْذِ مَا يَكْفِيهَا وَهُوَ أَجْنَاسٌ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَغَيْرِهِمَا وَهَذَا إِذْنٌ فِي الْبَيْعِ وَاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الشَّحِيحِ أَنَّ هَذِهِ الْأَجْنَاسَ لَيْسَتْ عِنْدَهُ وَوَافَقَنَا (ش) عَلَى أَخْذِ الْجِنْسِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ سُفْيَان وَغَيره لَا يَأْخُذ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ يُؤْخَذُ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ عَنِ الْآخَرِ دُونَ غَيْرِهِمَا وَقِيلَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ بَابِ الْفُتْيَا لَا مِنْ بَابِ الْقَضَاءِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَتَوَقَّفُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْحِجَاجِ مِنَ الْخَصْمَيْنِ وَحُضُورِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيُجِيبَ وَيُنَاضِلَ عَنْ نَفْسِهِ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَمَتَى دَارَ تَصَرُّفُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَالْفُتْيَا فَالْفُتْيَا أَرْجَحُ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَسُولٌ مُبَلِّغٌ وَهُوَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ وَالتَّبْلِيغُ فُتْيَا وَيَنْبَنِي عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ الْخِلَافُ فِي الْمَسْأَلَةِ فَإِنْ قُلْنَا تصرفه عَلَيْهِ السَّلَام هَا هُنَا بِالْفُتْيَا جَازَ لِكُلِّ أَحَدٍ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ مِنْ غَيْرِ حَاكِمٍ وَإِنْ قُلْنَا إِنَّهُ تَصَرَّفَ بِالْقَضَاءِ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ إِلَّا بِالْقَضَاءِ لِأَنَّهُ كَذَلِكَ شَرْعٌ وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ شَرِيفَةٌ بَسْطُهَا فِي بَابِ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَغَيْرِهِ يَتَخَرَّجُ عَلَيْهَا شَيْءٌ كَثِيرٌ فِي الشَّرِيعَةِ.